إبراهيم دياز.. “الرقم 10” الجديد الذي أعاد صياغة الهوية الهجومية للمغرب

في ليلة افتتاحية استثنائية لكأس أمم إفريقيا 2025، لم يكن براهيم دياز مجرد لاعب يسجل ظهوراً قارياً أول؛ بل كان العنوان الأبرز لمرحلة انتقالية يمر بها المنتخب المغربي. على أرض ملعب “المجمع الرياضي الأمير مولاي عبد الله”، وأمام جماهير لم تهدأ، قدّم نجم ريال مدريد “صك اعتماده” قائداً جديداً لكتيبة وليد الركراكي، مُنهياً جدلاً طويلاً حول قدرته على التكيف مع خشونة القارة السمراء وضغوطاتها.
ودخل المنتخب المغربي البطولة وهو يفتقد لأسماء كانت لعقد من الزمن هي المحرك الأساسي (زياش وبوفال)، مما وضع دياز تحت مجهر الاختبار الحقيقي. منذ الصافرة الأولى أمام جزر القمر، أظهر دياز نضجاً تكتيكياً لافتاً؛ لم يكتفِ بانتظار الكرة، بل كان “المحرك” الذي ينزل لوسط الملعب لربط الخطوط، فارضاً أسلوب اللعب الذي يمزج بين السرعة الإسبانية والمهارة المغربية الفطرية.
وتمثلت خطورة دياز في تحركاته “بين الخطوط”، حيث نجح في سحب مدافعي الخصم وفتح مساحات لزملائه، وهو ما أسفر سريعاً عن ركلة جزاء مبكرة أكدت حضوره الذهني العالي وضغطه المستمر على الدفاعات المتكتلة، ورغم سيطرته على صدارة هدافي التصفيات، ظلت تلاحق دياز تساؤلات حول “الفعالية في المواعيد الكبرى”.
وجاء الرد في الشوط الثاني عبر لوحة فنية جماعية؛ عرضية “بالمقاس” من نصير مزراوي استقبلها دياز بلمسة حاسمة أسكنت الكرة الشباك، معلنةً عن هدف التقدم الذي فك تشنج المباراة، وهذا الهدف لم يكن مجرد إضافة رقمية، بل كان تجسيداً لواقعية دياز؛ لاعب يعرف متى يراوغ، ومتى يمرر، ومتى يظهر في “المنطقة العمياء” للمدافعين ليحسم الموقف.
والتحول من القميص رقم 21 في “سانتياغو برنابيو” إلى القميص رقم 10 مع “أسود الأطلس” يحمل دلالات تتجاوز الأرقام. في ريال مدريد، يُنظر لدياز كعنصر تغيير فعال، لكن مع المغرب، هو “حجر الزاوية” في مشروع وليد الركراكي للظفر باللقب القاري المستعصي.
وخوضه لـ 76 دقيقة بمستوى بدني مرتفع وتواصل دائم مع زملائه يعكس قبوله للتحدي الذي فرضه على نفسه حين اختار تمثيل “المغرب” على حساب “إسبانيا” في مارس 2024. لقد أثبت دياز أن قراره لم يكن عاطفياً فحسب، بل كان قرار لاعب يبحث عن كتابة تاريخه الخاص كقائد لأحد أقوى المنتخبات في العالم حالياً.
وغادر دياز الملعب وسط تصفيقات حارة وجائزة “رجل المباراة” في جعبته، لكن المكسب الحقيقي للمنتخب المغربي كان استعادة الثقة في منظومته الهجومية. بوجود دياز في هذه الجاهزية، يبدو أن “أسود الأطلس” قد وجدوا القطعة الناقصة في أحجية التتويج، ليبقى التساؤل: هل تكون نسخة 2025 هي البطولة التي يُنصب فيها براهيم دياز ملكاً غير متوج على عرش الكرة الإفريقية؟
اقرأ ايضا.. الركراكي يحسم الجدل حول مشاركة أشرف حكيمي أمام مالي



