“دموع في الحمام” و”يا فلاح”: محمد صلاح يكشف الوجه الآخر لرحلة المجد

خلف بريق الأضواء في “آنفيلد”، وأبعد من الأرقام القياسية التي يحطمها كأيقونة عالمية لنادي ليفربول، تكمن قصة من العزيمة الفولاذية، الألم الصامت، والتحديات النفسية التي كادت أن تكسر مسيرة لم تكن مفروشة بالورود. في حوار استثنائي وعميق، اتسم بالشفافية الإنسانية، مع جراح القلب العالمي السير مجدي يعقوب، فتح محمد صلاح، قائد المنتخب المصري، قلبه ليكشف عن المحطات الخفية والصعوبات الجذرية التي شكلت هويته قبل أن يصبح “الملك المصري”.
ولم تكن الموهبة الفذة كافية لحماية صلاح من الضغوط الهائلة في مقتبل مسيرته، وكشف صلاح بصراحة نادرة عن حجم الهشاشة النفسية التي كان يعيشها كشاب يافع يحمل أحلامه على كتفه، ولم تكن التحديات مادية أو فنية فحسب، بل كانت نفسية بامتياز حيث قال: “كنت بخاف أرد على المدربين عشان أخسر مكاني”، بهذه العبارة لخص صلاح حالة الخوف من ضياع الفرصة التي دفعته لكبت مشاعره، لكن الجرح الأعمق لم يأتِ من السلطة الفنية، بل من الأقران.
وبمرارة واضحة، تحدث صلاح عن تعرضه للتنمر من زملائه اللاعبين، الذين لم يروا فيه المشروع الأسطوري القادم، بل مجرد زميل قادم من الأقاليم. “اللاعبين كانوا بيتريقوا عليا ويقولوا يا فلاح”، وهي كلمة تتجاوز في الثقافة المصرية مجرد المزاح، لتلامس جدران الطبقية والنظرة الدونية التي غالباً ما تلاحق الطامحين من خارج العاصمة.
وهذه السهام الموجهة لم تكن تمر مرور الكرام؛ “أحيانًا كنت أعيط لوحدي في الحمام”، وهذا الاعتراف يرسم صورة مغايرة تماماً لصورة النجم الصلب، ويكشف عن إنسان اضطر لتحويل العزلة والدموع إلى وقود صامت للاستمرار.
وفي خضم رحلات السفر اليومية الشاقة إلى القاهرة، والتي كانت تمثل استنزافاً جسدياً وذهنياً هائلاً، برز دور الأسرة كمحور ارتكاز نفسي. لكن حتى هذا الدعم كان منقسماً بين رؤيتين، وأضاف: “والدي كان الوحيد اللي صدّق فيا من البداية”، مشيراً إلى أن إيمان والده الراسخ كان هو الدافع الأساسي للاستمرار رغم قلة الفرص الواضحة في الأفق الأوروبي آنذاك. كان الأب هو الركيزة التي آمنت بالمستحيل.
وفي المقابل، كانت والدته تمثل قلب الأم الخائف بطبيعته على ابنها من المجهول، “أما والدتي فكانت خايفة من سفري”، وهو خوف مشروع يعكس قلق الأهل على مستقبل ابنهم في غربة محفوفة بالمخاطر. صلاح، بوفاء وتقدير، يضع الفضل في مكانه الصحيح: “عشان كده مدين لهم بكل اللي أنا فيه”، معترفاً بأن هذا المزيج من الدفع الحالم والحب الخائف هو ما صنع توازنه.
إقرأ أيضًا.. محمد صلاح يغادر معسكر المنتخب متجهاً إلى دبي في إجازة استثنائية قصيرة



